facebook
Share |

٣١.٣.١١

أشعر أن كرامتي قد جُرحت...(ضحايا الشات والحب المزعوم)


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: 

عندما أنهيت دراستي لم أجد عملا، فلم أكترث لذلك وقبلت بوضعي، ومنعا للملل طلبت من أخي أن يزودنا بالإنترنت لكي أتسلى وأتعلم مثل باقي من هم في جيلي، وهذا ما حصل فقد أدخل لنا الإنترنت، فدخلت عليه وتعلمت كل شيء فيه إلى أن دخلت على الشات، فتعرفت على رجل اهتم بمعرفتي ولم أكن أبالي به كثيرا، ثم اتصل بي على الهاتف وأصبحنا نتكلم كل يوم تقريبا، واعتبرته صديقا عزيزا لأنه كان يكلمني باحترام كبير.

وقد كلمته عن عائلتي وعن نفسي وهو كذلك، وفي أحد الأيام أخبرني بأنه يحبني وأنه لم يعد قادرا على أن يخفي عني هذا الأمر، فرفضت الموضوع بكل احترام لمشاعره، وأخبرته بأن الموضوع غير منطقي لأنه ليس من بلدي ومغترب بسبب عمله، فغضب من كلامي وأخبرني بأن الأمر لم يعد بيده، ولكني لم أقطع علاقتي به بل بدأت أخجل منه، ولم أعد أكلمه بنفس الطريقة التي كلمته بها من قبل وتغيرت نظرتي له، وقد تعلقت به دون أن أشعر وقبلت بحبه ولم أعد أهتم ببعد المسافة بيننا.

واستمرت علاقتي به بكل احترام فاستمررنا في الكلام بكل المواضيع العامة، وفي كل مرة كان يزداد احترامي له أكثر، ولم أفكر في المستقبل أو في كيفية إنهاء علاقتي به.



وفجأة اختفى ولم يدخل على الإنترنت لفترة طويلة فحاولت الاتصال به عدة مرات عبر الهاتف ولكنه لم يرد، فقررت نسيانه ولكنه بعد مدة بعث لي برسالة يقول فيها أنه كان في المستشفى ومُنع عنه الاتصال الهاتفي لكنني لم أصدقه وعرفت أنه يكذب ونسيته فعلا، وفي نفس الفترة التي من المفترض أنه في المستشفى - حسب ما قال لي - قالت لي صديقتي أنها دخلت نفس الموقع الذي تقابلت معه فيه وأنها تعرفت على شاب، فرأت الإيميل الذي قدمه لها هو لنفس الشخص، فضحكت كثيرا على نفسي أني صدقت إنسانا مثله في الأول، فطلبت منها محادثته فكلمته أمامي، وكان تعليله أنه اهتم بمعرفتها لأنها من نفس بلدي، وأخبرها أنه عرف فتاة من بلدي وأنها كانت أحسن فتاة عرفها، وأخبرها أنها كانت صديقة له، ولم يقل بأنه أحبني.

وبعد أول مرة تكلما فيها لم يحاول أن يكلمها مرة أخرى وانتظر دخولي على إيميلي فرفضت أن أدخل وطلبت من صديقتي أن تكلمه ولكنه لم يرد عليها، وبعدها اختفى ولم يفتح هذا الإيميل مرة أخرى، وهذا ما يدفعني للحيرة لأني أردت أن أوطد علاقته مع صديقتي وأن أفعل به من خلالها ما فعله بي من التظاهر بالحب الذي لا أعتقد أن إنسانا مثله يعرف ما هو الحب، ولم أستطع أن أنساه مرة أخرى لأني أشعر بأن كرامتي جرحت من قبل شخص احترمته واعتبرته جديرا بالثقة التي منحتها إياه، وتمنيت أن أعرفه من أنا وما الذي يمكن أن أفعله به، فما رأيكم؟!

وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم 
الأخت الفاضلة/ maria حفظها الله. 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،، 

فإن أول سمة بحمد الله عز وجل تظهر من خلال كلامك الكريم هي أنك بالفعل فتاة كريمة لا تبتغين الحرام ولا تسعين فيه ولا ترضينه لنفسك ولا ترضينه أيضًا لغيرك، وأنت تتعاملين بنفس طيبة مع الآخرين حتى مع هذا الرجل الذي قد تظاهر بالحب وتظاهر بالمعاملة الصادقة كنت حريصة على أن لا تتجاوزي معه الكلام إلى أمور محرمة كالكلام في الشهوات والفواحش وغير ذلك – وحاشاك أن تفعلي هذا -، ولكن قد صدمت بعد ذلك من هذا الموقف الذي ظهر منه والذي بيَّن لك أنه ما كان إلا رجلاً متلاعبًا يهوى أن يتسلى بالفتيات وأن يقضي وقته معهنَّ، فصدمت لأجل ذلك صدمة عنيفة وهو الذي حملك على رغبة في أن توجهي له أفعالاً تعلمه كيف يتلاعب ببنات الناس ولتشفي الألم الذي أوقعه في نفسك، ولكن ها هنا أمر لا بد من الانتباه إليه وهو معنى الحب الحقيقي؟!

إن كثيرًا من الناس قد يتلفظ بهذه الكلمة ويلوكها بلسانه وما أسهل أن تنطق بها شفتاه، وكثير من الفتيات يصدقن هذا الأمر ويقعن أسيرة التعلق بكلام معسول يقع في أنفسهن، فما هو الحب الحقيقي؟!

إن الحب أسمى وأعظم من أن يكون مجرد علاقة وقعت بين رجل وامرأة أجنبية عنه لا تحل له ثم بعد محادثات ومكالمات وتكرار هذه المحادثات يحصل شيء من الألفة في هذا المعنى ثم يصرح أحدهم للآخر بأنه يحبه ويحصل بعد ذلك التفكير والتعلق والهم والغم فلا تضع الفتاة رأسها على وسادتها إلا وتنهدت بسبب هذه العلاقة وبسبب ما جلبته عليها من هم وهي تظن أن هذا الرجل من أعظم الرجال إخلاصًا وخلقًا، فإذا بها بعد ذلك تُصدم فتجد الأمر على خلاف ما قد توهمت، والأمر قد يقع أيضًا في الرجال فيتوهم أن كثيرًا من النساء ممن يقمن مثل هذه العلاقات صادقات في الحب والمودة حتى يتبين له خلاف ذلك، وربما كان كلاهما يعلم أن الأمر ما هو إلا مجرد تسلية وخداع.

فهذا لا يمكن أن يكون هو الحب الصادق.. إن الحب كما لا يخفى على نظرك الكريم علاقة أسمى من ذلك، إنها علاقة مودة وميل في القلب ولكن على طهارة وعلى براءة، على سكينة ورحمة تكون بين الرجل والمرأة، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا في موضع واحد (إنه الزواج)، حينئذ تجتمع المرأة بزوجها عزيزة كريمة قد خطبها من بيت أهلها كريمة كما تُخطب المؤمنات الصالحات، وخرج بها إلى بيت الزوجية، فحينئذ تجتمع روحهما فتكون روحًا واحدة محبة وأُلفًا وسكينة وطمأنينة وحنانًا وعطفًا.

فهذا هو الحب الصادق، وأما يقع من هذه العلاقات فهو مجرد تعلق يحدث لكثرة المحادثة لاسيما إذا انضمَّ إلى ذلك رؤية للصورة أو لقاء أو غير ذلك من الأمور، وما أكثر أن تنتهي هذه العلاقات بما هو أعظم من مجرد اللقاءات فتجر إلى الفضائح والمخازي، وهذا أمر لعله لا يخفى على نظرك الكريم، ولذلك كان من حكمة الله جل وعلا أن بيَّن سبيل المؤمنين وسبيل المؤمنات الصالحات في هذا الشأن فقال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن النظرة الفجأة فقال: (اصرف بصرك) رواه مسلم في صحيحه، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك) رواه أحمد في المسند، فهذا في شأن النظر المجرد فكيف بعلاقة تُوقع في الميل القلبي والتعلق كما قد رأيتِ وكما قد حصل لك!؟ فاعرفي حقيقة الأمر وليكن هذا الذي وقع درسًا عظيمًا لك، والحمد لله أنه أنقذك من التمادي في مثل هذه العلاقة، فكم من فتاة لم تخرج بمثل ما خرجت به من السلامة وإنما خرجت بسمعة سيئة وربما بفضائح ومخازي، والسلامة لا يعدلها شيء، والله جل وعلا قد أمرك بما فيه فضلك وبما فيه خيرك، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً}.

فعليك إذن بالتوبة إلى الله جل وعلا من هذه العلاقة التي قد تمت بينك وبين هذا الرجل فإنها من المحرمات التي قد نهى الله عز وجل عنها ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، وخير ما تقومين به هو اللجوء إلى الله جل وعلا وسؤاله أن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك والذي لا سبيل إلى تحصيله إلا بالسبيل المشروع بأن يتقدم إليك الرجل الصالح ليطلبك من بيت أهلك عزيزة مكرمة تعرفين أنه رغب فيك لدينك وخلقك وتعرفين أيضًا خلقه وفضله وما هو عليه، فبهذا يحصل لك الثقة والأمان وتصلين إلى بر الأمان بيسر وبخطوات سهلة ميسورة واثقة.

وأما عن سعيك الآن بأن يقيم هذا الرجل علاقة مع صديقتك المذكورة ونحو هذه الأمور لكي تبيني له أنك قد فضحته أو ليحصل لك منه نوع من الانتقام ونحو ذلك، فهذا أمر يا أختي هو أيضًا من المحرمات، فكيف يُعالج الحرام بالحرام؟! كيف تسمحي لصديقتك بأن تتكلم مع رجل أجنبي حتى ولو كان ذلك بهذا المقصد؟! فتشاغلي عن هذا الأمر برمته، وليكن ما حدث لك درسًا عظيمًا واعيًا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) متفق عليه، وعليك بالإقبال على طاعة الله عز وجل، والإقبال على ما فيه صلاح دينك ودنياك، فهذا هو الذي يرفعك عند الله جل وعلا وهذا هو الذي يفرج عنك أيضًا، فقد قال صلوات الله وسلامه عليه: (إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه) أخرجه الترمذي في سننه، وقال جل وعلا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، وقال جل وعلا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}. 

وعليك بالدعاء أن يوفقك الله جل وعلا لما يحبه ويرضاه، فاشغلي نفسك بما يعود عليك بالخير، فوقتك هو حياتك، وما عمرك إلا مجموع الأيام والليالي: 

تَفُتُّ فُؤَادَكَ الأَيَّامُ فَتَّا *** وَتَنْحِتُ جِسْمَكَ السَّاعَاتُ نَحْتَا
وَتَدْعُوكَ الْمَنُون دعاءَ صِدقٍ *** أَلاَ يَا صَاح أَنْتَ أُرِيدُ أَنْتَا

فابذلي جهدك في حفظ كتاب الله، في السعي في التعلم للعلوم النافعة سواء كانت علومًا شرعية أو علومًا أخرى تستفيدين منها.

وعليك بالحرص على اجتناب الكلام مع الرجال الأجانب لأي سبب من الأسباب إلا من حاجة تحتاجين إليها كالبيع والشراء ونحو ذلك وبالقدر المحتاج إليه أيضًا دون توسع، فهذا هو الذي يصونك ويحفظك والذي يريح بالك أيضًا، فاعرفي ذلك فقد قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} فأخبر جل وعلا أن من اتخذ بهداه لا يضل لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا يشقى لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: (تضمن الله لمن قرأ كتاب الله وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا وأن لا يشقى في الآخرة، ثم قرأ {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً}.

نسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه وأن يزيدك فضلاً إلى فضل وخيرًا إلى خير وأن يفتح عليك من بركاته ورحماته، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك.

وبالله التوفيق.


المصدر : إسلام ويب 

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Walgreens Printable Coupons | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة