facebook
Share |

٢٢.٢.١١

واقعنا السياسي وماضينا السياسي

اعلموا أيها الأحبة أن ماضينا من الناحية السياسية؛ كان المسلمون يعتقدون فيه أن لا غلبة ولا حياة ولا نفس للهواء إلا بسلطان المسلمين على سائر الأمم أجمع، كل مسلم في ذلك الزمان الماضي كان يرى أن المسلم ينبغي أن يكون المهيمن والحاكم والمسيطر على هذه الدنيا بأكملها، من خليجها إلى محيطها، ....



هكذا كان فكر المسلم، وهكذا كان فكر خلفاء الإسلام، أن الإسلام لابد أن يسيطر على جميع جوانب وأجزاء المعمورة أجمع، ولا يمكن أن نتنازل عن شبر فضلًا عن مترٍ، أو كيلو، أو بلدان، أو بقاع، أو أراضي للمسلمين أجمعين. هذا فيما مضى، كل مسلم حتى وإن كان خبازًا، أو حائكًا، أو بناءً، أو فلاحًا، هو في عمله، لكن يعتقد أن العزة للمسلمين، ولا يمكن أبدًا أن يكون لكافر على مسلم سلطان أبدًا، لقوله -تعالى-: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].

نظريتنا السياسية في العهد القديم: أنه لا يمكن أن يوجد كافر يستعلي على مسلم، هكذا كانوا يفهمون وهكذا كانوا يتعاملون، ولذلك فلا يرضون أن يكون للكفار أدنى رفعة أو أدنى علو أو زهو أو مكانة أبدًا هكذا عقيدتهم، هكذا تربوا، وهكذا شربوا ورضعوا.

أما واقعنا اليوم عندكم أنتم وعندي أنا وعند كثير من المسلمين في هذا الزمان: أن الأرض فرصة متساوية لطوائف من البشر يمكن أن يستعلي فيها من يستعلي، وأن يعيش فيها من يعيش. نحن لا نحرم الناس حق العيش، أرجو أن لا أفهم فهمًا خاطئًا، إن الإسلام جاء بحفظ كرامة الذميين من اليهود والنصارى، إن الإسلام جاء بحفظ حقوقهم، إن الإسلام جاء بحقوق وواجبات لهم وعليهم، لكن بشرط أن يكون الإسلام هو الأعلى. أما في هذا الزمان فأين المسلم الذي إذا زار الأندلس قال: كيف أصبحت هذه الأرض بأيدي الكفار؛ لأن النظرية السياسية انتكست، تجد الكثير من المسلمين يزور برشلونا، وبهو السباع، قصر الحمراء، غرناطة، وهو يتمتع بهذه المظاهر الجميلة، لكن أن تجده يحترق فلا؛ لأن النظرية انعكست بدلًا من أن يكون المسلمون هم على هذه الأرض، أصبح النصارى يجعلون صورة الصليب والعذراء والمسيح على مداخل المساجد في تلك المناطق، لا، هذه الدنيا فرص، وهذه الآن فرصة الأسبان أن يعيشوا على هذه الأرض لا أقل ولا أكثر.

من هنا انتكس مفهوم النظرية السياسية، ففي القديم كان المسلم لا يرضى أبدًا أن يتملك كافر شبرًا من أراضي المسلمين، لكن في زماننا هذا صار هَمُّ كل مسلم أن ينال قطعة أرض على شارعين، وسيارة لا بأس بها، إما نقدًا أو بالتقسيط المريح، وزوجة على المواصفات المطلوبة حسب الإمكان، ومستقبل مادي لا بأس به، هنا يعيش حد وفكر كثير من المسلمين، وأنا لا ألومهم أيها الإخوة لأن النفوس درجات، من الناس من لا يقنع إلا بدرجة أولى، ومن الناس من لا يقنع إلا بطيران خاص، ومن الناس من يقنع بالقطار المسمكر، كل يضع نفسه حيث شاء، فمن المسلمين الذين تنسموا وتنفسوا روائح العزة لا يرضون بل لا يطيقون أن يروا كفارًا على معقل من معاقل المسلمين. هذا فيما يتعلق بالنظرية السياسية أو بالواقع السياسي بين الأمس واليوم.

للكاتب : سعد البريك

جزء من محاضرة: "واقعنا بين الأمس واليوم [2،1]" للشيخ: سعد البريك

موقع الشبكة الإسلامية
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Walgreens Printable Coupons | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة