facebook
Share |

١٢.٢.١١

الأم المثالية لمصر

حصلت على لقب الأم المثالية الأولى لمدينتها وقريتها بصعيد مصر , لمحافظة سوهاج , لجمهورية مصر العربية .تزوجها والدي وعمرها 14 عاما وهو ابن عمها بعد رحلة عذاب مع زوجة أبيها ، سافرت من صعيد مصر للقاهرة حيث كان عمل الوالد .

رغم صغر سنها أنجبت 5 ذكور في خمسة سنوات . اعتنت بهم أعظم عناية رغم ثقافتها البسيطة . 
القصة الأولى : ( وهي تشبه قصة إحدى الصحابيات ) 
حدث في عام 1948 مرض فتاك لجميع أطفال مصر وهو الطاعون ، فكانت صابرة ومحتسبة لله ودعت " اللهم أقدم إحدى أبنائي هدية لك في سبيل إنقاذ باقي أطفالي الأربع " وسبحان الله مرض الطفل الأصغر وقبل الله الدعاء ومات في ثاني يوم .
  وعاد المرحوم بإذن الله والدي من العمل وهو مجهد ، أخفت الأم دموعها ووضعت ابنها المتوفى على السرير ووضعت عليه الملاءة وكأنه نائم . تجملت الأم وتزينت لاستقبال الوالد ، وأعدت له أشهى الطعام وأفضل من كل يوم ، وعند دخول الوالد سأل عن الابن المريض فقالت له إنه في أحسن حال من الأول ويرقد في فراشه .
 أكل الوالد ، واستراح ، وقضى حاجته ، ثم لاحظ الدموع في عين الوالدة ,فقال لها ماذا حدث ؟
قالت- بثبات الأم المثالية المؤمنة بقضاء الله وقدره- : لقد أعارك الله شيئا ، وقد رد الله عاريته ، البقاء لله لقد مات ابنك  . 
 قال لها الوالد: إني أعترف بأن إيمانك أقوى وأعظم من إيماني ، رغم أن سنك لم يتجاوز 18 عاما وأنا الآن بن 48 عاما . إنك بالضبط تمثلي نفس قصة الصحابية الصابرة أيام الرسول عليه السلام.
                                                               
هذه هي البداية للأم المثالية ، وبعد هذا الحادث بأشهر قليله كان حملها وقد عوضها الله بالابن الآخر . لكن على رأي المثل لم تتم الفرحة ، فبعد حوالي 6 أشهر من حملها كان الإختبار الأعظــــم ، لقد توفى الوالد فجأة وترك لها الأبناء الثلاث والرابع في بطنها . وصبرت واحتسبت ذلك عند الله . 
لكن ما العمل ؟
 حملت أطفالها وعادت من القاهر إلى بلدتها مركز طما بمحافظة سوهاج حيث العائلة الفقيرة . لا مصدر للرزق فقد مات الكفيل ، لكن الرزاق الله موجود ..
 بهذا الإيمان بدأ مشوار الحياة ، كانت تملك القليل من المال فاشترت ماكينة حياكة ، فكانت تجيد هذه المهنة من معلمتها بالمدرسة ، وبدأت تحيك الملابس للأسر بالبلدة والقرى المجاورة ، وكانت الكهرباء لم تصل للبلدة ولا المياه ، فكانت تخيط الملابس على لمبة الكيروسين ، وتأتي بالمياه من البئر أو من الأقارب . 
 تجمعت العائلة وكان القرار ( حيث أنها كانت جميلة وذات السن 19 عاما) أنه لا بد لها من الزواج لحمياتها وتربية الأطفال . 
 رفضت كل العروض رغم الإغراءات الشديدة وقالت قولتها المسموعة لكل أفراد العائلة " الزوجة تتزوج رجل واحد لكن أنا تزوجت 4 رجال ، إنهم أبنائي " من الآن كرست كل حياتي لهم حتى الموت .
 اعتنت بنا بل كانت تذاكر لنا الدروس لأنها كانت تجيد القراءة والكتابة ، بل اعتنت بنظافتنا ومأكلنا وملبسنا من القروش القليلة من الخياطة ، والإعانة الشهرية التي كان يقدمها لنا فقط المرحوم الخال .                                                           
                                                                
 انتهت مرحلة التعليم المتوسط والثانوي بمدينة طما محافظة سوهاج وقال الأقارب " كفى" ولا بد من إيجاد عمل للأولاد وتزوجي ، رفضت وقالت بإذن الله سأستمر في التعليم حتى أعلى المراحل حتى الجامعة وبإذن الله الدكتوراه . 
  بهذا الإصرار انتقلنا إلى محافظة أسيوط حيث الجامعة وكنا بكليات الهندسة اثنين ، كلية التجارة واحد ، كلية الصيدلة الأصغر.                                                           

  لم نترك الوالدة وحدها في هذا الكفاح ، بدأنا في العمل مع الدراسة أحدنا أمين مكتبة ، والآخر سكرتير بمستشفى ، ... 
  لقد علمت الإبرة والخياطة في أصبع الوالدة وعلم ذلك في أصبعها ، وقل بصرها فبدأت في لبس النظارة . 
 استمرت قصة الكفاح سنوات ، سنوات لكن لا بد من اختصار القصة لأنها تحتاج لمجلدات ومجلدات . 
 ظهرت ثمرة الكفاح للأم المثالية الأولى لمصر 
 فالولد الأكبر كبير بمعهد الإدارة العامة بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان أما الأصغر مهندس اتصالات سلكية ولاسلكية بالمملكة العربية السعودية , الأصغر والذي كان ببطن أمه يوم وفاة الوالد دكتور ورئيس قسم الصيدلانيات لكلية الصيدلة جامعة الزقازيق ، دكتوراه في علاج أمراض السرطان والحاصل على أعلى جائزة لخبير مصري لكليات الصيدلة للجامعات العربية .
 في هذا الصيف وبعد زيارة للأم المثالية بالإسكندرية وعودتي للعمل بدولة الكويت جاء خبر جلطة دموية في المخ للوالدة سلبت منها الذاكرة . سافرت فورا للقاهرة ، وتحسنت الأحوال وعدت للكويت ، وفي أول رمضان ، وفي يوم الجمعة ، ماتت أغلى أم في الوجود . لقد بشرت بالجنة من رسول الله لما معناه .  ماتت ولها أربعة أبناء,  ماتت بمرض ,  ماتت يوم الجمعة , ماتت في رمضان من هذا العام . 

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Walgreens Printable Coupons | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة